تفاصيل لم تحكى عن الإكتئاب..

 


كنت أفكر دائمًا أنني " كذبت الكذبة وصدقتها " ولكن أخبرتني الأخصائية أن الإنسان لا يستطيع أن يفعل ذلك لمدة طويلة، لمدة تفوق الشهرين!



أنا نورة عمري 18 وراح أشارككم قصتي مع الاكتئاب، كانت حياتي وردية، كنت سعيدة، مثالية، شغوفة بالحياة، متفائلة، إيجابية للحد المقرف، أعيش اليوم وأبصم بالعشرة إن بكرا أحسن، كنت أظن إن حياتي مرة وحدة ومافيه داعي للحزن، للضيقة، للفضفضة، وللتعبير عن مشاعري لا أكثر ولا أقل، وكأن الالام والأحزان لابد أن تعيش بداخلي إلى الأبد ومو من حقها تطلع، وطبعا مؤمنة إن حياتي راح تستمر كذا، ومرت الأيام والسنوات على هذا الحال - مع الكثير الكثير من المقاومة والكتمان - إلى أن بدأت تظهر أعراض غريبة علي ودخيلة بحياتي، وكما هو معتاد كل غريب غير مقبول ومهمش، يوم من الأيام حسيت إن هذي الأعراض الغريبة قاعده تطفل بكل هدوء - هدوء ماقبل العاصفة - على كل جزء من حياتي، كسل أكثر، تسويف أكثر، ضيقة، سرعة انفعال، وكلها كانت بدرجات طفيفة، كنت أترفع عن قبول هذي الحقيقة وإنها مجرد أيام قليلة وبتعدي، بدت هذي الأعراض تنمو ببطء في هامش روحي - وأنا الي قررت أحطها بالهامش -، لحسن الحظ في تلك الأيام كنت أتابع برنامج يستضيف المؤثرين ويظهر الجانب المخفي عن برامج التواصل الإجتماعي، في يوم من الأيام كان اللقاء مع مدوّنة Bloger أحبها، في أثناء المقابلة تكلمت عن فترة من فترات حياتها عندما كانت مصابة بالاكتئاب إلى أن لاحظت إن بيننا أعراض مشتركة، وكانت تتكلم عن زيارتها المستمرة لليوم للطبيب النفسي وبسبب حبي لها كان وقع كلامها علي وتأثيره كبير مرة، بديت أبحث عن الموضوع وبالأخص أيش يعني اكتئاب وأيش مؤشرات الإصابة به، بديت أبحث عن العلاج وكيف إن الشخص ممكن يعرف أيش تشخيصه ومين الشخص المناسب إنه يشخصه ويساعده بالعلاج، بحكم كتماني حاولت أبحث عن الوصول لشخص مناسب أون لاين عشان مايعرف أحد عن الموضوع الي ماكان يعرف عنه ولا أحد إلا أنا وقوقل، توصلت الى أحد التطبيقات يقدم استشارات أون لاين وبحكم إني مسؤولة عن مساعدة نفسي قررت أحجز موعد بس عشان ما ألوم نفسي على الإهمال بعدين، حملت التطبيق وسجلت فيه، دخلت على قائمة المعالجين والأطباء النفسيين، وأنا أحس بتوتر ورهبة من المكان ومن السبب الي وصلني لهذا المكان، كنت أعرف طبيب أسنان، عظام، جلدية…..الخ بس ما أعرف أيش يعني طبيب نفسي، جلست أقلب عيني بالقائمة طيب أيش أختار؟ معالج ولا طبيب؟ معالج ولا معالجة؟ طيب أيش مفروض أقول؟ أيش راح يكون ردها؟ أيش راح تسألني عنه؟ طيب كيف أقدر أخبي الموضوع عن أهلي؟ أصلا أيش تقدر تسوي؟ وضليت أحدق بالقائمة إلى إن قررت إني أحجز مع أي أخصائية - ما حبيت أصعب الموضوع علي من البداية عشان ما أستثقلها -، لحسن الحظ كان بحسابي مبلغ يغطي تكلفة الجلسة، لكن تفاجأت إنه من متطلبات الحجز إني أوصف حالتي، وبدأ تيار التساؤلات يرجع، طيب إذا كتبت بالوصف الاعراض الي أحسها وقالت عني موسوسة ومافيني شيء؟ أو إن مافيه أصلًا اضطراب نفسي بهذي الأعراض؟ وصرت أخذت الطريق الخطأ؟ وضيعت فلوسي على الفاضي؟، طيب بكتب الي قاعد يصير ونشوف أيش تقول - عشان ما ألوم نفسي بعدين على الإهمال لا أكثر ولا أقل-، لحسن الحظ عرفت بعد فترة إن وصفي لحالتي كان جيد نوعا ماذكرت فيه: تلميع النفس سابقا، الكسل والخمول، خوف من المستقبل، نوم أكثر، مدة استمرار الأعراض معي ، وأعطيتها خبر إنها التجربة الأولى لي في مشاركة مشاعري مع شخص آخر. استنيت الموعد على أحر من الجمر، جاء اليوم الموعود بوسط مذاكرتي لإختبار الرياضيات - مذاكرة قلقة ومليئة بالأفكار عن الي بيصير بالموعد - وصلني إشعار ببدء الموعد وفجأة وصلني اتصال من المعالجة! اتصال؟ من متى وأنا عندي القدرة إني اتصل على شخص وغريب ومكالمات تتعدا الخمس دقايق؟ وزيادة على كذا راح أوصف مشاعري، سكرته بوجهها للأسف واعتذرت منها إني ابيه كتابي وما أقدر يكون اتصال، تفهمت الموضوع وحولتها كتابيًا، بدأت تسألني عن بعض التفاصيل الي ذكرتها لها وكان من الاسئلة : ما مدى صعوبة الاستيقاظ من النوم؟ هل زاد لوم الذات؟ هل قل الاستمتاع؟ وكانت باقي الاسئلة على هذا النمط، بنهاية الجلسة عطتني تشخيص إنها أعراض اكتئاب واكتفت بهذا الوصف وما وضحت لي أي شيء بخصوص الخطوة الجاية….، بعدها الأيام بدأت تزداد سوءًا وبدت الأعراض تكبر أكثر وتأثر على حياتي بشكل أكبر، رجعت بعد أقل من شهر لها وبديت أشرح لها إن الاعراض بدت تزيد أكثر وشرحت لها كيف إن الأشياء الروتينية صارت ثقيلة أكثر، ورغبة العزلة وعدم الاختلاط حتى بأقرب الناس لي مثل أهلي، ومن الجلسة الثانية تقريبًا قررت تكون صوتية - ماكان القرار سهل لكن لاحظت فرق إيجابي شاسع عن الكتابية - ، ماكنت أعرف أوصف مشاعري، ماكنت أحس إني قاعده أطلع الي جواتي ولا عارفة أوصف حالي الحقيقي، الجلسات كانت بمثابة المحاضرات، أحس إني مرتاحة وقت الجلسة بالمقابل ما أحس أستفدت ولا حاجة عملية ولا كان عندي القدرة إني أطبق أي حل يطرح علي، وكأنها محاضرة والمحاضر يسرد الي يعرفه علي، وكان تشخيصها لي " اكتئاب خفيف لمتوسط وحلمت حلم - ومن بعده صرت أصدق أحلامي - حلمت إنها أرسلت لي رسالة وكان نصها "معليش ما أقدر أساعدك وأعطتني رقم طبيب مو بالسعودية وقالت هو إن شاء الله راح يساعدك "، رجعت لها للمرة الأخيرة وحاولت أوصف لها حالي وكان جزء الوصف يقول " كل يوم للأسف أسوأ من الي قبله، أحس كأني واحد غرقان حاول بالبداية يطلع بس كل ماله ينزل بالموية أكثر، حتى قبل كنت أهرب من نفسي بالصلاة لكن الحين الله يتوب علي"، كان مجموعها ٤ جلسات في مايقارب شهرين- وكل يوم تكبر الأعراض أكثر وأكثر -، بعدها جتني ردة فعل من العلاج النفسي كله، حطيت ببالي إن كل طرق العلاج مثل كذا غير فعّالة وماراح تضبط معي، وحسيت تسكرت الأبواب كلها بوجهي ومعد صار فيه أي حل، والأيام تزداد سوء وقاعدة تصير أصعب وأثقل، أحط راسي على المخدة وأتمنى من أعماق قلبي إني ما أصحى بكرة، وإذا صحيت كنت أقول الحمدلله الذي أحياني بعد ما أماتني - قمة التناقض-، ومن أصحى وأنا بس أستنى يجي وقت النوم عشان أهرب من الواقع وأكرر نفس الأمنية كل ليلة، حزن وضيقة مخيمة على قلبي ولا أعرف لها سبب، وكنت دائما أقول أنا عندي كل مقومات الحياة وكثير يتمنون الي عندي وأحس بكل هالثقل من الشعور؟ من أيش طيب؟، إلى أن وصلت إلى مرحلة لما أمر من عند مراية أنزل راسي عشان ما أشوف كمية الكآبة المسيطرة على وجهي ، كنت دايم أحاول أسمع من ناس مروا بمثل الي أنا مريت فيه وأصيح وأظن إنه من الفرح إن الحمدلله فيه أحد مثلي ويحس بالي أنا أحسه ومو لحالي، لدرجة لما أشوف أي شخص سعيد أحاول أغض بصري عنه من كمية الشعور الي جواتي إنه كيف قاعد يحس بشعور سعيد قد كذا؟ كيف قادر ينبسط أصلًا، حتى بالسوشال ميديا ماكنت أبي أشوف ولا أحد يسوي ولا شيء بحياته لأني مو قادرة أسوي ولا شيء لأن أصلًا وش الفايدة من الحياة؟ كلنا بنموت بالنهاية، حتى أقاربي معد أبي أعرف أيش قاعدين يسوون بحياتهم، طيب ليه أنا من بد كل هالناس؟، حتى الأكل كنت آكل عشان أسد الجوع لأن الأكل أساسًا ماله أي طعم والشهية معدومة حتى للأطباق الي كنت أموت عليها، كنت أتجاهل كل سؤال يجيني عن حالي خصوصا من أهلي وكنت أتعذر بأقرب عذر " مضغوطة من الدراسة"، وعلاقتي مع أهلي كل مالها تقل ورغبة إني أنعزل عنهم تزيد، صرت أسمع لوم كثير علي وعلى تصرفاتي " ليش ماصرتِ تجلسين معنا زي أول؟ وش فيك كذا دايم منفسة؟ طيب اطلعي غيري جو" في وسط معمعة اللوم هذي مرة أخوي الصغير وإحنا جالسين بقهوة المغرب وضاغطة على نفسي ما تتخيلون إني أشاركهم فجأة قال " ماما ودي ذي النفسية لطارق الحبيب" صح إنها كانت طقطقة إلا إنه كان هذا فعلًا الي أحتاجه، طول الوقت فيني شرهه وعيوني تغورق، بعد فترة مايقارب الشهر ونص حاولت أدور حلول لأن حياتي صارت لا تطاق ولحسن الحظ طحت على وحدة - للأسف ما أتذكر اسم الحساب- كانت تتكلم عن إنه عادي الواحد يجرب مع أكثر من أخصائية لأي سبب من الأسباب ومايحكم على العلاج النفسي من أخصائية وحدة، حاولت أضغط على نفسي وأطلب المساعدة للمرة الثانية - والحمدلله ربي قدرني على اتخاذ هذا القرار بالوقت التعيس ذاك - وأدخل في معمعة إختيار الأخصائية مرة أخرى…، دخلت التطبيق وقلبت بين الأخصائيين وكنت أدخل أشوف التقييم تبعهم، الى إن توصلت إلى مثل هذي التعليقات على وحدة منهم- فاهمة في الشخصيات، تفسر الشخصية، تحلل الشخصية-، جذبتني هذي التعليقات مع إن الثقة بالعلاج كانت شبه معدومة بس لا بأس من محاولة أخيرة - ولحد الآن ما أعرف كيف سبحان الله جاني بصيص الأمل هذا -،وأكيد اتخاذ القرار بيكون أصعب من المرة الأولى، ليه؟ وضعي صار أسوء، مافيه أي تحسّن من الجلسات السابقة، وحكم كامل على كل العلاج النفسي بعدم فعاليته، وشعور إن الحياة أصلًا ما تستحق العيش والإنسحاب منها هو الحل الأفضل - الحمدلله على نعمة الإسلام الي انتهى بها بمجرد فكرة وما طبقتها على أرض الواقع - ، ماتسرعت بحجز الجلسة ورحت أبحث عن الأخصائية ولقيت حسابها بتويتر وتواصلت معها وكل الي ببالي "أكيد راح تقدرين تساعديني؟ ولا ما أتعب نفسي؟!" وحاولت أنمقها بكم كلمة وأرسلتها على الرسائل الخاصة، اتفقنا إني أحجز جلسة ونشوف الموضوع، حجزت أقرب موعد مناسب لي،كان بالليل، ومن اليأس كنت منسدحة على سريري وماخذه وضعيه النوم والغريب ماكنت متوترة، كانت الجلسة تشخيصية بحتة كانت مليئة بالأسئلة وهذا النظام الي ينفع معي بما إني ما أعرف أوصف حالي وحسيت يمكن نطلع بنتيجة، مع كل سؤال رغم الوضعية الي كنت فيها والحالة الميؤوس منها بالنسبة لي كنت مع كل سؤال أقول واو! أخيرًا أحد قدر يطلع هذي الأشياء من داخلي، وكان كل سؤال يوصف وصف دقيق للي أنا قاعده أحسه داخل، وللحين على انسداحتي والصوت الي بالموت قادر يطلع، لحسن الحظ بدأ الاتصال يقطع واضطريت أغير وضعيتي، في نهاية الجلسة شخصتني باكتئاب متوسط إلى شديد وضروري آخذ علاج دوائي ليكون عندي استعداد أبدأ بالجلسات بعد ثلاث أسابيع من إستخدام الدواء، انتهت الجلسة، ومشاعري وقتها كانت غريبة وما كنت أحس بأي ردة فعل تجاه التشخيص، كنت أحاول أتصنع ردة فعل وجالسة أقول لنفسي استوعبتِ التشخيص؟ طيب ليه مو قاعدة تصيحين؟ ليه مافيه اي حزن زيادة تجاه الموضوع؟ فجأة صحيت من النوم الصباح وجلست أفكر كيف قدرت أنام وأنا سمعت خبر زي كذا؟، وقتها كنت أتمنى إني أختفي فعليًا وكتبت عنه في تلك الفترة "كل ما اتمناه في هذه الليالي الشاقّة الاختفاء، الاختفاء فجأة واختفاء ذكري وصوري وكل مايكنّه الآخرون من شعور تجاهي، لا أريد أن يراني أحد بهذه الهشاشة، بهذا الوجه الشاحب من اللاشيء، تخيفني فكرة اللاشيء لكن هذا كل ما أشعر به وفي هذاك الوقت شلت هم شيء واحد، إذا راح آخذ دواء لازم أحد من العائلة يكون عارف لو لاسمح الله صار فيه أعراض جانبية وضروري بالنسبة لي آخذ رأيهم تجاه الموضوع، وجلست أيام وأيام أفكر بالموضوع وكيف راح يتم وراح أشارككم أحد العبارات الي كتبتها في تلك الفترة "لم تعد تشغلني خطط ولا أهداف يومية أسعى إلى تحقيقها، كل مايشغل تفكيري كيف يمكنني إيصال الخبر إلى أمي وماذا سأحتاج من أجله، أفكر في المكان الذي ستتم فيه المهمة، في تعابير وجهي الشاحب، في نظراتي المشتتة، في نبرة صوتي المليء بالعبرات، في تسارع نبضات قلبي. كما أتخيل ردة فعل أمي دائما تجاه الأمر، هل سوف تتقبل الخبر بسهولة؟ أم ستقول " بلا وسوسة مافيك إلا العافية"، ولكن قطعًا بعدها ستعاملني معاملة خاصة! لا أدري ماذا سيحدث لكن أتمنى أنيتم الأمر في غضون الأيام القادمة!" وكنت كل وقتي أفكر في طريقة إيصال المعلومة، إلى أن جاء ذاك اليوم الي قررت إني أفاتحها بالموضوع ولحسن الحظ إننا فجأة قررنا نطلع وقلت لها "ماما بكرة بقول لك شيء " عشان لما يجي بكرة تسألني هي بنفسها وتخفف من وطأة إني أنا أبدأ معها، ومن صحيت وأنا أنتظر اللحظة المناسبة الي أروح أفاتحها بالموضوع إلى أن غابت الشمس وأنا ماقدرت أسوي الخطوة لين هي بنهاية اليوم جت تسألني عن الموضوع، وقتها كانت هي جالسة على سريري وكنت أنا منسدحة على الأرض جنب الشاحن، وسألتني " وش عندك؟، طول أمس الليل وأنا أفكر بالموضوع وماجاني النوم" شرحت لها الموضوع ولعلي أصبت بالوصف الي وصفت فيه اللحظة، كنت أتكلم بسرعة وكأني حافظة الكلام ومافيه مجال أسترد أنفاسي - بما إن موضوع الطبيب النفسي مو متداول عندنا-، والحمدلله تقبلت الموضوع بصدر رحب وبسطته وحسيت بشعورها إنه وأخيرًا عرفت أيش فيها نورة، بدينا نبحث عن الطبيب المناسب وحجزت أقرب موعد ورحت، وأتوقع بسبب معرفة أهلي بالموضوع كان مستوى التوتر طبيعي، دخلت العيادة قاسوا الضغط ونبضات القلب ثم دخلت مباشرة على الطبيب، شرحت له الوضع والي صار معي وبكل بساطة كتب لي العلاج وقال ممكن تستمرين عليه إلى ست شهور، تقبلت الموضوع ولكن لما قريت النشرة الي كانت مع الدواء كان من ضمنها " إنه ممكن يأثر على النمو عند المراهقين " ترددت كثير ورجعت للطبيب أسأله وطمني إنه ما يأثر لأنه تناوله يكون بفترة محددة، بعد أسبوعين تقريبًا من تناول الدواء حسيت بفرق كبيير مرة، نفسيتي تحسنت والشهية بدت تتحسن ، حسيت صار عندي استعداد اني أبدأ العلاج بالجلسات " بعد ماقريت كثير عن أهمية العلاج بالجلسات بالإضافة إلى الدوائي وهذا الشيء ما أرشدني عليه الدكتور " ، بعد ثلاث أسابيع من تناول الدواء رجعت أحجز عند نفس الأخصائية مرة ثانية، حسيت بدأ عقلي يتفتح وأصبح عنده استعداد إنه يبدأ يحسن من وضعه ويطبق الأشياء الي ممكن تساعده، حسيت هذا اليوم يوم مختلف تمامًا عن وتيرة الشهور المميتة الي قبله، كانت عاجبتني أجندة رقمية أصدرها شخص مرة يعز علي بس كنت أقول لنفسي " ايش اكتب فيها؟ ماعندي ولا شيء أبي أسويه، اشتريها بس كذا عالفاضي؟" وبهذاك اليوم قررت أقتنيها بما إن صار عندي شيء ممكن أسجله فيها، بدأت أدخل في جو الجلسات ويوم ودي أحضرها وعشر أيام لا بس كنت أضغط على نفسي بهذا الموضوع لأن بديت أشوف النتائج، طيب أيش يصير بالجلسات؟ محاولات خطوة بخطوة لعيش حياة أفضل من جوانب كثيرة، التركيز الكبير على جانب الأفكار وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الذات وعن الحياة وعن الي حولنا، خطوات صغيرة عشان نرجع نمارس حياة طبيعية، نتدرب على التعامل مع المواقف الي تأثر علينا، والسعي لتقبل الذات، بين الجلسة والثانية تكون فيه مهام نشتغل ونركز عليها ونسجل الصعوبات الي واجهتنا، جلسة ورا جلسة، عمل على الموضوع ورا عمل، بديت أرجع أمارس يومي بشكل طبيعي وبأقل صعوبة، وبدأ التحسن يزيد جلسة ورا الثانية، إلى أن وصلت إلى الإستقرار تقريبًا بعد عدد لابأس به من الجلسات وبدت الأفكار المميتة تتلاشى أو بالأصح تجي وتروح كل فترة لكن عرفت كيف أتعامل معها، بعدها صرت احس بحال أفضل وبدت ترجع حياتي طبيعية، بعدها جتني فترة طويلة من الركود ولكن الحمدلله بنفسية أفضل، بأفكار سلبية أقل، برغبة أقل بالعزلة، كانت فترة ركود للعودة على اعتياد النشاطات اليومية بعد فترة من العيش في اللاشي، استمرت هذي الفترة مايقارب الثلاث شهور إلى أن من الله علي بمحاولات بسيطة لتحسين جودة حياتي، وتوسيع دائرة اهتماماتي، وتأثير الأفكار السلبية علي مسيطر عليه نوعا ما، ورغبة العيش لترك الأثر ومحاولات جاهده للجمع بين خيري الدنيا والآخرة، لا تتخيلون يوم من الأيام إن العلاج النفسي ضغطة زر أو عصا سحرية، الموضوع محتاج صبر وصبر وصبر، والحياة فيها الوقت الكافي بدل العيش في دوامة الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى اللامنتهية، ولا تستخسرون ولا ريال إنكم تحطونه عشان نفسكم، راح تكتشفون بعدين إن ولا ريال راح هباء، ولو ماعندكم القدرة الخدمات الحكومية ماتقصر، صدقوني إنه محد راح يساعدنا لو ما ساعدنا أنفسنا ، كل واحد مننا يستحق إنه يعيش حياة أفضل وأريح، الحياة تحتاجنا وإحنا جزء منها ولا بأس أننا نمر بأي اضطراب نفسي ونؤمن بوجوده وحقيقته وحقيقة وجود الآلام والأحزان " لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" و " لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكما " الإحساس بالألم شيء فطري وحقيقي وطبيعي، وشيء لابد منه فمن الضروري نتعلم كيف نتعامل معه وما نخليه يسيطر علينا، بعد ماوعيت عن أهميه الصحة النفسية وإنها للكل، واستوعبت إننا كلنا نحتاج نوعي وندرب أنفسنا على حاجات تحسن من صحتنا النفسية، نحتاج نقرأ أكثر، نسمع أكثر، نؤمن أكثر بأهميتها وكيف ممكن تتغير حياتنا ١٨٠ درجة بس ما نستوعب إننا مو مفروض نهمل هذا الجانب المهم مننا، الي قادر يتحكم بكل جوانب حياتنا، لما يصاب الشخص بالمرض النفسي ينسى كيف كان عايش حياته قبل ويتغير مفهومه للحياة، لكن صدقوني العلاج النفسي راح يذكركم بمفهوم الحياة الحقيقي ويدربكم تعيشون حياتكم بنفسية أفضل، شعور التخفف من عبء المرض النفسي لا يوصف، استعادة اللذة في بعض الأشياء، استعادة الروحانية في الصلاة وقراءة القرآن والشعور الحقيقي بمعيّة الله، القدرة على الدراسة، العمل، القيام بالواجبات، لا تنتظرون أحد يمسك يدكم ويحجز لكم موعد، اطلبوا العون من الله أولًا ودائما ثم ساعدوا أنفسكم بفعل السبب.

بالنهاية الشكر لله أولًا، ثم لنفسي على المحاولات الشاقّة نفسيًا للوصول إلى العلاج، ولوالديّ، ولمعالجتي، والشكر موصول لكل شخص قاعد يحاول، ولكل أخصائي قاعد يساعد، ولكل تطبيق سهّل علينا الحصول على استشارات نفسية، ولكل حساب مهتم في نشر الوعي بالصحة النفسية، ممتنة لكم جميعًا....

للتواصل:
Norah.d.story@gmail.com

تعليقات

  1. قصة معبرة و مؤثرة 🤍 لامستني جداً
    كل الشكر لبطلة القصة ل مقاومتها لهذا الشعور الموحش و شكر خاص لها لشجاعتها و مشاركتها لنا مشاعرها و تجربتها لعلها تكون النور و الامل لمن يتألم بصمت ..

    ردحذف
  2. شكرا لمشاركتك تفاصيلك الي مايتجرأ يذكرها أحد

    بالتوفيق في رحلتك مع العلاج

    ردحذف
  3. ‏سلامتك سلامتك نوره ألف لا بأس ❤️
    ‏قصة ملهمة وتبث الأمل، وصفك صادق ورقيق،
    ‏أنتِ شخص بيترك أثر طيب .. نتتظر نورك يشع بالعالم❤️

    ردحذف
  4. قرأت كل حرف و كل كلمة و استوعبتها من كل قلبي ؛ نورة احييك و اشجعك فأنتي بطلة حقيقة
    فزتي بمعركتك مع الاكتئاب ؛ و واجهتي الكثير من العقبات لكن تخطيتي ؛ انتِ قصة نجاح
    و انا كأخصائية نفسية كلي فخر بك و بما انجزتيه و اتمنى انك تكونين دايما بخير ولا تترديين بطلب المساعدة لو احتجتي لها بيوم ؛ و ايضا اقدر لك نشر قصتك للفائدة و زيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية
    و على فكرة اسلوبك بالكتابة ممتاز و يشد القارىء فهذي موهبة مميزة عندك لو حبيتي تشتغلين عليها ♥️

    ردحذف

إرسال تعليق